mardi 29 mai 2007

اللعبة التلفزيونية










فن التعاسة
هنالك قدرة غريبة عجيبة نملكها نحن البشر، تجعلني في كل مرة أقف أمامها مذهولة عاجزة عن فهمها، ألا و هي قدرتنا على وضع أنفسنا في حالة من التعاسة المطلقة.
أنا على يقين من أنكم تعرفون و لا شك أشخاصا أبدعوا في فن التعاسة، لا بل البؤس (و لا دخل للبؤس المادي في حديثنا).
هم الذين يفوكسون (من فوكس) على ما يلي:
- على ما لا يملكونه، على الذي كان باستطاعتهم امتلاكه لولا كذا و كذا، على الأشياء التي فقدوها في حياتهم، على الصعاب التي عاشوها و يعيشونها... و اللائحة لا تنتهي.
يستعملون كل قدراتهم لشلّ ما تبقى من قدرات وسد كل منافذ البهجة.
أما إذا لم يحدث و أن صادفتم هذه النماذج، يكفي أن تقوموا بجولة على بعض برامج التلفزيون العربية و العالمية و لن يصعب عليكم اكتشافهم.
الاثنين، الثالثة بعد الظهر: كريستينا 40 عاما، تشرح بالتفصيل المملّ "لاوبرا"، إدمانها المزمن العقاقيرالمهدئة للاعصاب، الأمر الذي جعل ولديها( 9 و12 سنة) في حال من عدم التوازن.
في الوقت نفسه و في الجانب الاخر من الشاشة رنا 35 عاما، تترك المائدة و تتجه إلى المطبخ لتنظيف الصحون، تستوقفها جملة الابن الأصغر:"أشعر و كأن أمي تخلت عني لهذا أنا تعيس للغاية". رنا تضع الصحون أرضاً، تتسمر أمام الشاشة و تطلق العنان لنوبة من البكاء، فهي لغاية اليوم لم تتمكن من نسيان إهمال والدتها مدمنة المهدئات.



الثلاثاء، السابعة مساء: رندة تشرح للمذيعة رفض ابنتها لين 6 سنوات تناول الطعام. في المقلب الاخر من الشاشة ،هند توضب ألعاب ابنها وائل ، ( 4سنوات )استعدادا لمناورات ما قبل العشاء علها تقنعه بابتلاع "كم لقمة". تتسمر بدورها أمام الشاشة و تقول لنفسها رائع :"لست وحيدة في هذا العالم".



الاربعاء، التاسعة و النصف مساء : الموضوع التلفزيوني : فوبيا الحيوانات. في الجانب الآخر من الشاشة يستعد رائد( 54 عاما المعادي أساسا للتلفزيون ) لمغادرة منزل أصدقائه، تستوقفه نوبة الهلع التي أصابت الصبية في الاستوديو عند مواجهتها بهرة بيضاء مسالمة. يتسمر أمام الشاشة هو الذي غادر مهرولا منذ أسبوع عشاء راقيا، دون تقديم أي أعذار عندما لمح هرة تعبر صالة الطعام.



يفيد آخر إحصاء للمجلس الوطني الفرنسي للإعلام، أن 3 فرنسيين على 4 يقبلون على مشاهدة البرامج التي تكثر فيها الشهادات، رغبة منهم بالتماثل أولاً، و البحث عن الحلول ثانيا.


لكن المشاهد يكون في معظم الأحيان غافل عن دور اللعبة التلفزيونية التي تمنح طابعأً آخر للمآسي، طابع لا يجلب إلا البكاء على النفس وفي الوقت ذاته يملا جيوب شركات التلفزة بمال المعلن.
أعرف أن الفرح موجود بداخلنا و لكن و لسبب أجهله، لا رغبة لنا باستحضاره، هكذا هو البني آدم، بكّاء على حاله و أحواله، يسمح للظروف بتحويله إلى ورقة نعي متجولة .


هل سمعتم بطفل خرج من رحم أمه منفجرا بالضحك؟؟ لو حدث ذلك لكان وجه العالم تغير حتما.

3 commentaires:

Mazen a dit…

أحببت كثيرا ما كتبت وصعقتي مخيلتك الجميلة في مسك ختامها "طفل خرج من رحم أمه منفجرا بالضحك" على السعي اليومي في حياتنا ينبغي أن يصل لتلك الخاتمة، أن نلفظ يوماآخر نفس والضحكة لا تفارق وجهنا، أن نسعى للحظات تنعش فينا الروح بعيدا عن كليشيات السقوط والإسقاط، أن نلمس بعدا آخر في حواس خمسة، بعدا يتراءى خلف استخدامها بكل ما تؤتينا، بلا كلل وبلا ندم!

ريتا خوري a dit…

author
ما تطمح اليه قد يكون من عاشلر المستحيلات لان الانسان بطبعه يجد على ما يبدو متعة ما في احزانه لكن لا يمنع ان نحاول مين هيدا اللي قال دخلك لا مستحيل تحت الشمس
ام هيداك شي تاني
بلا طول سيرة شكرا لمرورك

Khawwta a dit…

Ana bohdar TYRA 3ajabitni ktiiir "so what" mouvement yalli khtara3ita...
فن التعاسة كتير ظابطة لأن الإنسان بيزعل بسرعة، بس بياخد وقتو لينبسط
Nice post