vendredi 8 mars 2013

الموت على فراش تويتر

في جريدة المدن الالكترونية


الموت على فراش "تويتر"
ريتا خوريالاثنين 25/02/2013, آخر تحديث 06:20 م
1627

 عشية عيد الحب٬ سألت العارضة "ريڤا ستينكامب" بحماس شديد متتبعيها على "تويتر"٬ عن الهدايا التي يحضرونها لأحبتهم٬ فجاءها الجواب بعد ساعات على شكل هدية دامية: أربع رصاصات اخترقت جسدها. لم تترك إيفا لجمهورها إلا تغريدتها الأخيرة تلك.
قصة العارضة، مأساة ضجت بها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي كافة في الرابع عشر من شباط - فبراير تحت عنوان: العدّاء الأولمبي أوسكار بيستوريوس يقتل صديقته يوم عيد الحب.
ليست تلك "التغريدة الأخيرة" الأولى ولن تكون الأخيرة، وليس في الجملة السابقة خطأ، إذ يمكن اكتشاف صحتها بمجرد تصفح  موقع "تغريدة الآخرة"
هو الموقع الذي يقلب الفكرة السائدة، أن الميت يلفظ كلماته الأخيرة على فراش الموت أو في أحسن الأحوال٬ عبر وصيته. إذ عبر "تغريدة الآخر" نلحظ كيف يحشر العصر أنف حداثته حتى في شؤون الموت.
 
منذ أكثر من عام٬ كان مؤسِّسا موقع "تغريدة الآخرة"، مايكل ماك واترز وجيمي فورست يجمعان التغريدات الأخيرة للشخصيات المعروفة على "فراش تويتر"٬ غير أن الموقع لم يكن متاحا للجميع. وها هي تغريدة ريڤا الأخيرة تدفعهما الى فتح بابه للعامة.

  
 
أراد المؤسسان النظر بعين رقمية إلى الموت٬ مستندين في سعيهما الى تقنية الأرشفة التي لم يتفوّق فيها أحد على "فايسبوك" و"تويتر"٬ خاصة في مسألة حشد هذا الكم الهائل من المعلومات حول حياة المستخدمين الشخصية.
 وفي حديث لموقع "أنيمال نيويورك"- استعرض فورست رد فعل الناس الأولي إزاء فكرة الموقع ملخصاً وصفهم له بعبارات من نوع: خيال سقيم٬ مزعج وآسر في آن واحد.
أما شريكه ماك واترز  فلفت الى أمر يعنينا جميعاً، قائلا "العبرة التي استخلصتها من تجربة  موقع "تغريدة الآخرة" أنه من المحتمل أن يكون كل ما أقوم به "أونلاين" وحتى "أوفلاين" أحياناً، جزء من ملفي الرقمي الدائم.
ما الذي يفعله بنا هذا الموقع؟ وفي كلمات أدق، من "هو" هذا الموقع"؟ ربما التعريف الأقرب لـ "تغريدة الآخرة" هو التالي: إنه حفار القبور الرقمي

.akhra.png

ما بعد الموت
ماذا يحصل بعد تغريدات أخيرة لمغردين موتى؟ الأمر لا ينتهي عند رحيلهم. إن زرت الآن حساب "ريڤا" ستنتبه إلى أن عدد "إعادة التغريد" لتغريدتها الأخيرة تخطى الألفي مرة، بل وقام حساب آخر بتغريد صور نقل جثتها ودفنها. ولا شك أن "تويتر" سيرسل نسخة من مجموع تغريداتها العامة إلى أحد أقرب الناس إليها، غير أننا لا نملك أدنى فكرة بعد عما سيؤول إليه مصير حسابها بعد فترة. ويأتي ذلك في ظل ارتفاع الأصوات المطالبة بسنّ قوانين تعطي مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حق تقرير مصير حسابهم وما فيه بعد موتهم.
في المقابل يتيح "فايسبوك" (الذي تشير بعض الاحصاءات الى موت ثلاثة من مستخدميه في كل دقيقة) إمكانية تحويل حساب المتوفي إلى صفحة  تذكارية،  فقط بناء على طلب الأهل٬ كما يتيح تبديل وضع الفقيد في الپروفايل إلى صفة: ميت! ميت لا تُتاح زيارة صفحته إلا لمن كان أساسا على قائمة أصدقائه.

riva-2.jpeg
 
المسألة ليست بهذه السهولة حسب ما يصفها الكاتب رامي الأمين في كتابه "معشر الفسابكة. في فصل كامل بعنوان "الضريح الافتراضي تسجيل الخروج"٬ يسهب الأمين بالحديث عن "الطقوس الفايسبوكية للموت" ويشبّه الحائط  المزدان بآثار مرور الأصدقاء، ببلاطة الضريح.
مديرة أحد الأجنحة في  معرض الموت الذي استقبلته باريس في دورته الأولى منذ سنتين، أسهبت هي الأخرى في شرح مزايا اختراع بلاطة الضريح الإلكترونية لزوارها: موتى المستقبل!
وتحوي البلاطة (الشاشة) صور الميت وجملاً تعكس فكرة عما كان عليه في حياته، ما قد يجعل وجوده ـ غيابه ـ  كثيف الحضور عند زواره في مماته. إنها طريقة إضافية، ربما، لتجميل الموت.  
ماذا بعد؟ 
قد نتعثر بمواقع لبعض الشركات التي تطرح علينا سؤالاً اشكالياً حول مستقبل هوياتنا الرقمية بعد موتنا وتراها تحثنا كمستخدمين على إعادة النظر في محتوى هذه الهويات وتدعونا إلى تنظيف "سلة غسيلنا الرقمي الوسخ" قبل أن يدركنا الموت، لأن ملكية معلوماتنا التي تُخزَّن في مخادمات ما يعرف بـ "السحابة الحاسوبية"،  تنتقل بعد وفاتنا الى عملاء هذه الخدمة الذين بوسعهم التصرف بها كما يشاؤون.   
بعد هذا التهويل قد تجد نفسك يوماً بحاجة الى شركات تأمين رقمية إحدى مهماتها حماية سمعتك الافتراضية حيّاً وميتاً. 
 لكن مهلا.. إن كان البعض سيلجأ الى شركات تعنى بتحسين سمعته الرقمية في حياته، فمن ذا الذي ستقلقه سمعة شبحه الرقمي بعد رحيله؟ 

3 commentaires:

Joe Ghanem a dit…

أعجبتني جدًّا فكرة "البلاطة الإلكترونية" ونشر بعض الجمل أو الأفكار التي اعتقدها أو اعتنقها الراحل في حياته .أوافق عليها بشدّة .
اسمحي لي أن أستذكر هنا ,صديقة رحلت .
عرفتها في السنة الأولى من عهدي في التدوين.لم أعرفها خارج هذه الشبكة أبدًا ,ولا تعرّفت على صوتها أيضًا .كانت بيننا مراسلات ونقاشات شبه يومية .كانت آخر رسالة منها وصلت بريدي الإلكتروني,فيها انتظار لردّ ضروريّ مني .أجبت رسالتها ,ولم أتلقّ منها أي رسالة بعد ذلك .راسلتها لمرات لأطمئن ,دون جدوى . مدوّنتها توقفت عن النشاط منذ ذاك اليوم .
بعد أشهر ,أحدهم كتب تعليقًا على مدونتها ,يُخبر بأنها توفيت فجأة قبل أشهر عديدة وهي تتسامر مع عائلتها ذات مساء.
كانت أول تجربة لي مع هذا النوع من الرحيل .بكيت بحرقة .وانتابتني أحاسيس لم أعهدها من قبل .
عدت الآن إلى مفكّرتي لأنقل لك ما كتبته على صفحتي بعد أكثر من سنتين من رحيلها :
"إلى "حنين",صديقتي التي توقَّفتْ عن القراءة والكتابة والكلام والضحك منذ زمنٍ,بسبب الموت المُفاجِئ:سوف أقرأ لكِ هذا المساء,قصائدَ لخليل حاوي و نزيه أبو عفش,و سأرفع الصَّوت قليلًا".

ريتا خوري a dit…

عندي احساس انو هالمدونة هون صايرا بلاطة ضريح ما حدا بيزورو غيرك
:D
لما بتصير هيك فعلا رجاء اقرأ لي شعر نيرودا او لوركا
شكرا :)

Joe Ghanem a dit…

بديّ اعترفلك بشي :
منذ حوالي السنة ,توقفت عن الكتابة ,حتى أني أغلقت صفحتي على "الفايسبوك" وهي التي كنت ناشطًا عليها جدًّا في السنوات الأخيرة ,صرت أشعر أنّ رأسي فارغ تمامًا ,وفي أحيان أخرى ,هو مُتخم بكل أنواع الأفكار ,أو النصوص أو القصائد ,لكنّ المفتاح ضائع ,أو الباب ,أو النافذة ,كنت أدور حول عقلي باحثًا عن منفذ لي أو لأفكاري .
بصدق : أنت استطعتِ تحريض عقلي وإحداث ثغرة في الجدار ,نصوصك البسيطة العميقة السهلة الدافئة .تجعلني أتفاعل دون أدنى صعوبة .لدرجة أني يمكن أن أكتب تعليقًا أطول من نصّك :) (ثمّ أخجل لأني فعلت ذلك ) .
لذلك ,سآتي إلى هنا دائمًا ,لأقرأك .لا لأقرأ لك .
أنت ستعيشين طويلًا .
تستحقّين الحياة .
والحياة تعرف هذا .