vendredi 25 avril 2008

حليب اللوز، مراكش وغواية المدن 1





غريب أمر البشر! تعيش مع شريك الحياة سنوات طوال، تظن لفرط عنجهيتك أنك تعرفه مثل جيبك، إلى أن تكتشف فجأة أنه "غابت عنك أشياء".

عندما سألني نادل المطعم في مراكش إن كنت (فشلاوية) أي أستخدم يدي اليسرى بدلا من اليمنى أجبت بالنفي، فازداد فضوله:

- لماذا تمسكين الشوكة بيدك اليمنى إذن؟

لم أعرف ما أقول، سوى أنني طول عمري أمسكها بيدي اليمنى علما أنني لست فشلاوية.

أذكر أنني عندما تعلمت مرة آداب المائدة، فوجئت بأن مكان الشوكة الأساسي هو في جهة اليسار، فصرت عندما أعد المائدة أضع الشوك في مكانها الصحيح، إلا شوكتي.

حتى الرجل الذي أعيش معه منذ دهور لم ينتبه إلى ذلك، إلا في اللحظة التي طرح فيها النادل سؤاله.

سؤال جعلني أعود بالذاكرة إلى طفولة لا يمكن وصفها بالسعيدة كونها لم تخل من بعض الأسى.. كان ابن خالي جالساً معنا إلى المائدة، وإذ بأحد أفراد العائلة يتحرك من مكانه ويربط يده اليسرى إلى الكرسي لإرغامه على تناول الطعام باليد اليمنى..(كانت هذه واحدة من أحدث وسائل التربية في ذلك الوقت).

رغم حفلة التعذيب هذه تمكن الولد من أن يصبح رجلاً، لا بل مهندس طيران "قد الدنيا". لا أعرف ما الأثر الذي تركته هذه الحادثة في نفسه، علماً أنه يحدث ونتندر بها عندما نلتقي، لكن يبدو لي الآن أنها تركت أثرا في نفسي، ولذلك ربما أحمل الشوكة في يدي اليمنى، خوفا من عقاب محتمل لن يطالني بعد الآن.


في الواقع لم تكن الشوكة هدف تدوينتي هذه، لكن يبدو لي أنني لن أبطل عادتي في الاستطراد، خصوصاً عندما أكلم نفسي، كما الآن.

كنت أود التحدث عن الإجازة التي أمضيتها في المغرب، بل كنت أريد التحدث عن هذا البلد، الذي دخلته من جديد وكأنني أذهب إليه للمرة الأولى. قد يكون تفتح وعيي هو الذي جعلني هذه المرة أنظر إلى الأشياء بمنظار مختلف عن زيارتي الأولى منذ سنوات.

هذه المرة وقع الخيار عشوائيا على مدينة مراكش، بل فلنقل بما أن خيارات الدقيقة الأخيرة للسفر كانت محدودة، كانت مراكش هي الوجهة الأنسب.

لم أكن متحمسة كثيرا للذهاب من منطلق أنني لن أتعرف إلى جديد وأن هذه الرحلة ستكون بمثابة( Deja' vu ).

لكن الأمر لم يكن كذلك.

بإمكاني ربما أن أتحدث ساعات وساعات عن هذه الرحلة التي امتدت إلى العمق المغربي وإلى مدينة الصويرة الساحلية.

لكن الانطباعات التي سجلتها في ذهني كانت شديدة الإيجابية.

أولها أن مراكش ليست من تلك المدن التي تقع في غرامها من النظرة الأولى، كما حدث لي مع رهبة اسطمبول عند وصولي إليها مع بزوغ الفجر، وشعوري بأن المدينة تزحف باتجاهي من أعلى التلال لتبتلعني.

مع مراكش، تحتاج إلى بضعة أيام لتقع في شباكها الحمراء، فهي تكشف عن نفسها بالتدريج، هي باختصار مدينة تتقن لعبة الغواية.

قد يبدو من غير المنطقي البدء بالحديث عن المطبخ المغربي، لكن وبما أنني (حقنة) بمسائل الطعام، وأتجنب اللحوم قدر الإمكان (لا دخل بمزاجي النباتي بالمسألة)، وأحمل همّ تذوق المأكولات التي لم يعتدها ذوقي، أعترف أن المدينة غلبتني وباستطاعتي تصنيف مطبخها كواحد من ألذ وأطيب المطابخ العربية التي تذوقتها، ناهيك عن أن الطعام صحي للغاية، لا تخلو وجبة من خضار على أشكالها، كما أن نكهة البهارات فيها ليست بهذه الحدة التي ترهبني وتبعدني سفَر عشرة أمتار عن الطبق.

خلاصة الحديث، استمتعنا كثيرا بالطعام على أنواعه، وسعدت باكتشافي لمشروب ساحر المذاق، تغلب بسحره على حواة الأفاعي المنتشرين في ساحة جامع الفنا الذي يتحول مساء كل يوم إلى مسرح عبثي فيه الأشكال والألوان، تعرفت إلى حليب اللوز! نعم لم أكن قد سمعت من قبل بهذا الشراب، لكنه تحول بقدرة قادر إلى مشروبي المفضل

قد يسأل مار من هنا، وما دخلنا بكل هذا، كما سبق وحدث مع تدوينات ماضية، لكنني حذفت التعليق بما أن الديمقراطية تقف عند باب مدونتي هذه، لكن لا بد من أن أشير أن هذه مدونتي، ملكي، أدون فيها ما أشاء وأحجب من أشاء، وأنشر ما أرغب في نشره إرضاء لمزاجي وتبعاً له، فمن يشعر بأن الأمر يزعجه، ما عليه سوى الإمساك بجهاز التحكم وتغيير القناة

بالمناسبة انتهت حلقة اليوم، لمزيد من المعلومات حول مراكش والأماكن الأخرى التي زرتها في المغرب، علينا انتظار الحلقة المقبلة مع الإشارة إلى أنني لست ممثلة لأي وزارة سياحة على الإطلاق

19 commentaires:

حـنــّا السكران a dit…

ريتا
( هلئ ممكن الواحد يعيّطلك ريتا هون بدون ألقاب كونك زميلة تدوين )
.. المهم
ما أحبه شخصيا في مدونتك .. هو كونها بكل بساطة ( مدونة شخصية بما للكلمة من معنى ..و تشبهنا نحن هنا ..أي تخص الفتاة ريتا خوري) أي نستطيع فيها أن نتعرف على ريتا الإنسانة العادية و بعض تفاصيلها البسيطة و هذا شيء رائع بنظري ..خصوصا بالنسبة لوجه إعلامي نراه بكامل رصانته و حرفيته على الشاشة ..و ربما لو كانت مدونة إعلامية بحتة ..لما شدّتني أنا شخصيا لهذه الدرجة .
ـ أعترف أن أكثر ما يعجبني في هكذا نصوص .. هو الإستطراد ..إنه العفوية التامة .. أي أن تقول ما خطر لك فجأة دون مقدمات .. أن تقول ما لم تخطط لقوله أو لكتابته .. أي أن تكون أنت أنت .. بكل بساطة ..و هذه ليست عكس ( أنت منذ الاّن غيرك ) ..
ـ صحيح ..قد نعيش مع شخص ما عمراً و لا ننتبه لتفصيل معين فيه يقوم به أمامنا مرات عديدة كل يوم ..و قد يأتي شخص غريب ليلفت انتباهنا إليه .. هذا غريب ..
ـ أضحكتني جدا قصة اّداب الطعام القديمة و ربط اليد ..وأثرها عليك
ـ لم أزر المغرب مطلقا ..لذلك أشكرك على هذه المعلومات ..هل قلت لك أن طريقة سردك رائعة و تشدّ القارئ كثيرا؟ إنها كذلك بالفعل ..سأنتظر الحلقة القادمة ..
..خصوصا إنه ما في إعادة للحلقات هون
ـ الديمقراطية كذبة كبيرة يا ريتا .. ربما أنت تدركين ذلك أكثر مني ..
لذلك أنا أؤيد طرحك بخصوص حريتك التدوينية هنا ..المدونة بنظري هي أولاً مساحة شخصية للتنفس ..و ليست مقرّ حزب ..و لا شركة مساهمة .
ـ أعتذر للإطالة ..و شكراً لأنك هنا بيننا

All Seeing Eye a dit…

dont feel guilty each time about what u should write or shouldnt. we love what u write :)

Akram a dit…

سعيد أن رحلتك كانت جيدة
وبالنسبة للشراب هل هو شراب عصير اللوز مع الحليب لانه هكذا موجود في ليبيا ويكون دائما مشروب الأفراح الأول وأتذكر انه اعجب سياح فرنسين أيضا عندما كانو مدعويين لحفل زفاف.

دمتِ بخير..

aquadeluna a dit…

أول شي صحتين وألف عافية
تاني شي كنت مفكرة حالي وحيدة بقصة الشوكة.. خي طمنتيتي لوووول
فعلاً، رغم إني مش "عسراوية"، لكن بس إجي لاحمل الشوكة ما بعرف إمسكها إلا بإيدي اليمين.. وبضل إسمع تعليقات من رفقاتي.. غلط هيك.. جربي بتاني إيد.. بالنهاية المتل بقول.. كل ع ذوقك والبس ع ذوقك (تعديل من عندي فيما خصّ النصف الثاني)، سلام
:-)

ريتا خوري a dit…

حنا السكران
فيك تعيطلي متل ما بدك
هه، ذكرتني بالنكتة الحديثة جدا والواردة في قاموس المصطلحات العجيب لعام 2008
تعريف الديمقراطية والدكتوتارية
DÉMOCRATIE*
Régime où tout le monde a le droit de dire que l'on est en dictature.
(Georges Hahn)
*
DICTATURE*
Régime où tout le monde doit dire que l'on est en démocratie. (Georges Hahn)

اذا عسرت معك الترجمة ابقى خبرني
:)



All Seeing Eye
يمكن معك حق
:(


a.adam
عصير اللوز؟؟
هل هناك عصير اللوز فعلا؟
لست متأكدة لكنني عندما سألت النادل عن الوصفة قال إنهم أضافوا اليها الحليب، لكنه لم يدل بمعلومات أكثر وانا لم الح في الطلب
لكنني بعد ذلك فتشت في الانترنت ووجدت ان الوصفة لا يضاف اليها الحليب بل تحضر من اللوز المدقوق والماء والسكر
بكل الاحوال عدت وفتشت عن عصير او ليكور اللوز ولم اجد حتى في المغرب لم يكن هذا المشروب متوافرا في كل المقاهي
س، سؤال: ما هي أفضل أشهر السنة للقيام برحلة في الصحراء الليبية؟
شكرا لمرورك بالمناسبة
:)

sue
sue? aw shi teneh?
:)
عسراية، هيدي الكلمة اللي كنت عم فتش عليها وما لقيتها
عجبني التعديل وسأتبناه من دون تردد وفورا
مودتي
:)

Akram a dit…

نعم تلك هي الوصفة نفسها الموجودة على الزجاجة التي تنتج محلياً هنا ولكن يقوم الناس باضافة الحليب له ويقدم مع العمبر ..
ج جواب على سؤالك، أرى من خلال احصائيات اخر كتاب تصدره الهئية العامة للمعلومات أن أفواج السياح تتوافد بكثرة في أشهر فصل الربيع واخر فصل الخريف. بالنسبة لي أجد أن شهر فبراير ومارس وابريل من افضل المواسم وخصوصا أنها تتزامن مع مهرجانات تقام في المدن الجنوبية مثل مهرجان نالوت
وغدامس وغيرها.

دمتِ بود

ريتا خوري a dit…

a.adam
شكرا للمعلومات ومن يدري ربما نراك في اواخر الخريف المقبل
سلامات

مدونة كل العرب a dit…

تدوينة اكثر من رائعة

خلاص بتعزمينا على الاكل المغربى وانا بعزمكم كلكم على الاكل المصرى

تقبلوا تحياتى

Anonyme a dit…

خفت أن يكون وجهي ليس وجه خير على مدونتك .. ولكني الآن سعيد بعودتها ..
انتظر جديداً

Muhammad Aladdin a dit…

ريتا
بحب دايما اجي هنا، ما بين وقت والتاني، وبلاقي دايما مكافأة
:)
سواء اللي بتكتبيه جديد أو اللي بترجعيه تاني بعد الحذف (وهي حركة بتعمل ليا انا شخصيا تجديد غريب)، كتابتك منسابة ورايقة
:)
طيب ما ينفعش برضه تيجي سيوة وبرضه نشوفك الخريف الجاي؟
:) :) :)

david santos a dit…

Hello, Rita!
Happy week.

ريتا خوري a dit…

حرية الفكر والابداع
اهلا بك
سنعطيك علم وخبر في حال اتخذنا قرار التوجه الى مصر لا تقلق
شكرا للمرور


آدم
ولماذا تضع نفسك في قفص الاتهام؟؟
الحق بس على المزاجية
اهلا بك يا سيدي

علاء
وهل صحراء سيوه رملية؟ ان كانت كذلك سأفكر بالأمر
مش هي صحراء اللي تدور فيها أحداث رواية بهاء طاهر؟؟

Akram a dit…

مزاجية، دعيني اخبرك شيء عن المزاجية هنا فزيادة على شراب حليب اللوز .. كل شيء في ليبيا مسير بالمزاجية،
مثلا إذا مررت بطريق ووجدته مغلق بدون سابق انذار فهي مزاجية أحدهم نام واستقيظ وقرر باجراء أعمال على ذلك الطريق.
مزاجية أخرى اذا وجدتي الموظف ان يكون موجود مكتبه ليقوم بعمله ولا يأتي فقط لأن مزاجه قال له هكذا..
ولذلك اذا قررتي زيارة ليبيا قريبأ وتناول شيء في مطعم سؤال الناذل اذا كان له مزاج او لا لحتى يلبي لك طلبك ما بعرف شو راح يحصل لو ما كان له مزاج
..
شكراً لك أنتِ

ريتا خوري a dit…

David
10x
same 2 u

Muhammad Aladdin a dit…

ايوة.. هي بعينها.. ويمكنك سماع التفاصيل رأسًا من المؤلف
:)

سابرينا a dit…

غريب أمر البشر! تعيش مع شريك الحياة سنوات طوال، تظن لفرط عنجهيتك أنك تعرفه مثل جيبك، إلى أن تكتشف فجأة أنه "غابت عنك أشياء".
!!!!!
لاننا نري الاخر دائما بعيوننا وليس بعقلنا الذي يكون كجهاز انذار....عند وقوع خطأ
ولكن ببساطة نلغي هذا الجهاز الجبار لنعتمد فقط علي أعيننا وخداعها!

BrandsQ8 a dit…

I adore every thing u do ya Ritaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaa.

ur the best..

every time i see u u remind me of ur old program.

انته الحلقه الاضعف الله معك

I feel the power in ur face when u say it.

wish u the best good luck

ريتا خوري a dit…

Sabrina
شكرا للمرور وللتعليق
يمكن النفس البشرية انتقائية جدا فيما تريد ان تسمع وأن ترى، يمكن أن تكون أيضا خدعة من خدع العقل بما أنه المحرك الذي يتحكم بعمل بقية الأعضاء ...
اهلا بك دائما


brands Q8
شكرا لكلماتك المشجعة ربما علينا العما بالنصيحة التي تقول ان كل انسان قادر على ان يخلق من ضعفه قوة، في هذه الحالة لا بأس إن كنت أنا الحلقة الأضعف
:)
شكرا لمرورك

Anonyme a dit…

السـلام عليكم أختي

كيف حالك؟

أختي
بالنسبة لموضوع الأكل باليد اليمنى فهي ليست مُجرد عادة
بل هي من سنة النبي صلى الله عليه وسلم

فواجب على المُسلم انه ياكل باليمين ولا يجوز الاكل باليسار


قال النبي صلى الله عليه وسلم
« إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شرب فَلْيَشرب بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ ».

وقال صلى الله عليه وسلم
« لاَ يَأْكُلَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِشِمَالِهِ وَلاَ يَشْرَبَنَّ بِهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشربُ بِهَا»


وعن عُمر بن أبي سلمة قَالَ: كُنْتُ فِى حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَتْ يَدِى تَطِيشُ فِى الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِى « يَا غُلاَمُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ ».


وعن سلمة ابن الأكوع أَنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِشِمَالِهِ فَقَالَ « كُلْ بِيَمِينِكَ ». قَالَ لاَ أَسْتَطِيعُ قَالَ « لاَ اسْتَطَعْتَ ». مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الْكِبْرُ. قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ(أي إلى فمه)


أختك في الله
أم عبد الله