lundi 13 juin 2011

صوَر


ثلاث او اربع صور تلاحقني بإلحاح.

 عام 1990:
 الرجل بقامته الفارعة وضحكته العريضة الواثقة يدخل بيتكم ظهراً ويسألني: غدّوكِ؟ ثم نتغدى معا عدس بحامض.
عام 1993
صورة ثانية في شرفة بيتكم الجبلي، على الأرجوحة الصيفية ما غيرها، أنا ارتدي عباءته البقاعية درءاً للبرد الليلي. ناس كثر يسرحون ويمرحون على الشرفة. أنا انظر في عدسة الكاميرا وهو يناولني حبة فستق حلبي كان قد كسرها ونظفها من اجلي.
عام 1998
صورة ثالثة أنا اشتكيك عنده لأمر يزعجني، وأبكي. مش أبوك هو؟ يربت على كتفي لا يجد كلمة تسكن حيرتي فيقول: بتمرّ متل كل شي مرّ.
عام 2009
صورة رابعة: غداء عند كبابجي مع عجائزنا. كانت قد مرت عشر سنوات لم المح طيفه فيها. صدمني التدهور. بقي فارع الطول لكن المشية تثاقلت والضحكة صارت تشبه البكاء وتفتر عن أسنان غير منتظمة ربما. شاخ الرجل ولكن ليس بما فيه الكفاية فها هو يسدي نصائح طبية لعجوزتي وهي وانا نثق تماماً في ما يقول.
عام 2011
اما الصورة الأخيرة فقاتلة. في المستشفى، اقترب منه وهو على شفير الانهيار لأطبع قبلة على جبينه. يباغتني، وكجنتلمان لا يعبأ بالمرض يقبّل يدي. يومها قلت في قلبي شيئا لم اكن اعرف انني سأقوله يوماً. فهو شيء لا يقال. قلت في قلبي: على الرجل ان يرحل بسرعة، ففي ذلك راحة له ولك. لكن الرجل بقي يتمسّك  بيديه الضعيفتين  بيدي الحياة مرة ، ويتعلق بأهدابها مرة ثم يلوي عنقها مرات الى ان تعبت فهجرته.

سيأكل هذا الحزن قطعة اخرى منك. لا تقلق ما يزال هناك الكثير من الأحزان في الطريق وما زال في قلبك الكثير من القطع، حافظ عليها قدر الإمكان، فكلنا ذلك الابن.
مع كل الود

4 commentaires:

حـنــّا السكران a dit…

و لم "يمرّ" وحسب.
الأشياء فقط,هي التي تمرّ (متل كل شي بيمرّ).
كان ممكن قول (مَرَق) بالحياة,متل ما غيره مرَق,و متل ما نحنا مارقين,لكن بعد هذه الصورة و ما تضجّ به من حياة و حزن و فرح ,أقول :
مَرَقت الحياة فيه .
عليها "الحياة" أن تتذكّر ذلك حين تُدوّن مذكّراتها.
ـ تحيّة له ,و لك أستاذة ريتا.

ريتا خوري a dit…

"
عليها "الحياة" أن تتذكّر ذلك حين تُدوّن مذكّراتها"
رهيبة الجملة
أستاذ

حـنــّا السكران a dit…

ههه ,طيّب بلاش "أستاذة",أحلى ما تستلميني.
ـ تصحيح : قصدت :(تلك الصور) لا: تلك الصورة.

ريتا خوري a dit…

:))